خ
الخمرة
أبو نواس-
دع عنك لومي فإن اللوم إغراءُ * * وداوني بالتي كانت هي الداءُ
صفراء لا تنزل الأحزان ساحتها * * ولو مسّها حجرٌ مسّتهُ سرّاءُ
تُدار علينا الراحُ في عسجديةٍ * * حباها بأنواع التصاوير فارسُ
حبستُ بها صحبي فجدّدت عهدهم * * وإني على أمثال تلك لحابسُ
أقمنا بها يوماً ويوماً ثالثاً * * ويوماً لهُ يومُ الترحّل خامسُ
قرارتها كسرى وفي جنباتها * * مهىً تَدّريها بالقِسيِّ الفوارسُ
فللخمر ما زُرّت عليه جيوبها * * وللماء ما دارت عليه القلانسُ
ولما شربناها ودب دبيبها * * إلى موطن الأسرار قلتُ لها قفي
وكأس كمصباح السماء شربتها * * على زورة أو موعدٍ بلقاء
أتت دونها الأيام حتى كأنها * * تساقطُ نورٍ من فتوقِ سماء
توهمتها في كأسها فكأنما * * توهمتُ شيئاً ليس يُدرك بالعقل
وصفراء أبقى الدهر مكنون روحها * * وقد مات من مجبورها جوهر الكلِّ
فما يرتقي التكييفُ منها إلى مدى * * تُحدُّ به إلا ومن قبله قبلُ
وقد خفيت من لطفها فكأنها * * بقايا يقينٍ كاد يُذهبه الشكُّ
تعللْ بالمنى إذ أنت حيٌّ * * وبعد الموت من لبنٍ وخمرِ
حياةٌ ثم موتٌ ثم بعثٌ * * حديثُ خرافةٍ يا أمَّ عمرو
عاج الشقيُّ إلى رسمٍ يُسائلهُ * * وعُجتُ أسألُ عن خمارةِ البلدِ
يبكي على طللِ الماضينَ من أسدٍ * * لا درّ درّك قل لي من بنو أسدِ
كم بين ناعتِ خمرٍ في دساكرها * * وبين باكٍ على نُؤيٍ ومنتضدِ
دع ذا عدمتك واشربها معتقةً * * صفراء تفرق بين الروح والجسدِ
فكأنها وكأن شاربها * * قمرٌ يقبّلُ عارضَ الشمسِ
ألا فاسقني خمراً وقل لي هي الخمرُ * * ولا تسقني سرّاً إذا أمكن الجهرُ
وبُح باسم من تهوى ودعني من الكُنى * * فلا خير في اللذاتِ من دونها سترُ
فعيشُ الفتى في سكرةٍ بعد سكرةٍ * * فإن طال هذا عندهُ قصر الدهرُ
قل لمن يبكي على رسمٍ درسْ * * واقفاً ما ضرّ لو كانَ جلسْ
تصفُ الربعَ ومن كان بهِ * * مثل سلمى ولبينى وخنسْ
أترك الربعَ وسلمى جانباً * * واصطبح كرخيةً مثل القبسْ
إنما العيشُ سماعٌ ومدامٌ * * وندامُ
فإذا فاتك هذا * * فعلى الدنيا سلامُ
أبو نواس–
وشادنٍ سألتُ عن اسمهِ * * فقال لي باللثغ عبّاثُ
بات يعاطيني سُخاميةً * * وقال لي قد هجعَ الناثُ
أما ترى حثنَ أكاليلنا * * زينها النثرينُ والآثُ
فعدتُ من لثغتهِ الثغاً * * فقلتُ أينَ الكاثُ والطاثُ
أسقني حتى تراني * * أحسبُ الديكَ حمارا
مسلم بن الوليد (صريع الغواني)–
هل العيشُ إلا أنْ أروحَ مع الصِّبا * * وأغدو صريعَ الراحِ والأعينِ النُّجلِ
ابن الرومي / النظّام (من المعتزلة)–
ما زلتُ أستلُ روحَ الدنِّ في لُطـفٍ * * وأستقي دمهُ من جوفِ مجروحِ
حتى انثنيتُ ولي روحانِ في جسدٍ * * والدِّنُّ منطرحاً جسداً بلا روحِ
أحمد شوقي–
رمضانُ ولّى هاتها يا ساقي * * مشتاقةٌ تسعى إلى مشتاقِ
الأخطل–
ولستُ بصائمٍ رمضانَ يوماً * * ولستُ بآكلٍ لحمَ الأضاحي
ولستُ بقائمٍ في الليلِ أدعو * * قبيلَ الفجرِ حيَّ على الفلاحِ
ولكني سأشربُها شمولا * * وأسجدُ عند مبتلجِ الصباحِ
المتنبي-
وجدتُ المُدامةَ غلابـــةً * * تهيجُ للقلبِ أشجانَهُ
تسيءُ من المرءِ تأديبَهُ * * ولكنْ تُحسنُ أخلاقَهُ
وأنفسُ مالِ الفتى لبُّـــــهُ * * وذو اللبِّ يكرَهُ إنفاقَهُ
وقد مِتُّ أمسِ بها موتةً * * ولا يشتهي الموتَ من ذاقَهُ
وللسرِّ مني موضعٌ لا ينالهُ * * نديمٌ ولا يرقى إليهِ شرابُ
أبو تمام–
رأيتُ أقلَّ الناسِ عقلاً إذا انتشى * * أقلَّهمُ عقلاً إذا كانَ صاحيا
تزيدُ حُمياها السفيهَ سفاهةً * * وتتركُ أخلاقَ الكريمِ كما هيا
جهميةُ الأوصافِ إلا أنهم * * قد لقّبوها جوهرَ الأشياءِ
البارودي–
وما أنا ممن يأسرُ الخمرَ لُبَّهُ * * ويسلبُ سمعيهِ اليراعُ المثقبُ
ابن الوردي–
فاهجر الخمرةَ لا تحفلْ بها * * كيف يسعى في جنونٍ من عقلِ
فإن كنتَ ندماني فبالأكبرِ اسقني * * ولا تسقني بالأصغرِ المتثلمِ
لعلَّ أميرَ المؤمنين يسوؤهُ * * تنادمُنا بالجوسقِ المتهدمِ
ابن كلثوم–
صبنتِ الكأسَ عنّا أم عمرو * * وكانَ الكأسُ مجراها اليمينا
مشعشعةٌ كأنَّ الحُصَّ فيها * * إذا ما الماءُ خالطَها سخينا
وكأسٌ قد شربتُ ببعلبكٍّ * * وأخرى في دمشقَ وقاصرينا
أبو محجن–
إذا مُتُّ فادفني إلى جنبِ كرمةٍ * * تروِّي عظامي بعد موتي عروقُها ولا تدفنني في الفـــــــلاةِ لأنني * * أخــافُ إذا مــا مُتُّ أن لا أذوقَها ألم ترَ أنَّ الدهرَ يعثرُ بالفتى * * ولا يملكُ الإنسانُ صرفَ المقادرِ وإني لذو صبرٍ وقد ماتَ إخوتي * * ولســـتُ عن الصهباءِ يوماً بصابرِ رماها أميرُ المؤمنين بحتفِها * * فخــــلانُها يبــــكونَ حـــــولَ المعاصرِ
المنخل–
ولقد شربتُ من المدامـــةِ * * بالكبيرِ وبالصغيرِ
وشربتُ بالخيلِ المطهمةِ * * الإناثِ وبالذكورِ
فإذا ســـــكرتُ فإنني * * ربُّ الخورنقِ والسديرِ
وإذا صحــــوتُ فإنني * * ربُّ الشويهةِ والشعيرِ
ابن المعتز–
خليليَّ قد طابَ الشرابُ المُورَّدُ * * وقد عُدتُ بعد النسكِ والعَودُ أحمدُ
فهاتا عقاراً في قميصِ زجاجةٍ * * كياقـــوتةٍ في دُرَّةٍ تتوقَّدُ
يصوغُ عليها الماءُ شباكَ فضةٍ * * لهُ حَلقٌ بيضٌ تُحـــلُّ وتُعقـــدُ
وقتنيَ من نارِ الجحيمِ بنفسِها * * وذلكَ من إحسانِها ليسَ يُجحدُ
ديك الجن–
اشربْ على وجهِ الحبيبِ المقبلِ * * وعلى الفمِ المتبسمِ المتقبل
شرباً يذكِّرُ كلَّ حبٍّ آخرَ * * غضٍّ وينسي كلَّ حبٍّ أولِ
فقمْ أنتَ فاحثثْ كأسَها غيرَ صاغرٍ * * ولا تسـقِ إلا خمــرها وعقارَها
فقامَ تكــــادُ الكأسُ تحــــرقُ كفَّهُ * * من الشمسِ أو من وجنتيهِ استعارَها
ظلِلْنا بأيدينــــا نُتعـــــتعُ روحَها * * فتأخــــذُ من أقــــدامنــا الـراحُ نارَها
مُـــــوردةٌ من كـفِّ ظبيٍ كأنمــــــا * * تنـــــاولها من خـــــــدِّهِ فأدارهــــا
فقيه–
ذهبَ الشتاءُ وقبحَ بردُهُ * * وأتى الربيعُ وحسنَ وردُهُ
فاشربْ على وجهِ الحبيبِ ووجنتيهِ * * وحسنِ خـــــــدِّه
ابن الفارض–
شربنا على ذكرِ الحبيبِ مـــدامـــةً * * سكرنا بها من قبلِ أن يولدَ الكرمُ
وقالوا شربتَ الإثـــمَ كُــــلاً وإنمـــا * * شـــربتُ التي في تركِها الإثـــمُ
يقولونَ لي صفــــها فانتَ بوصفِها * * خبيرٌ أجل عندي بأوصافِها عـــلمُ
صفاءٌ ولا مـــــاءٌ ولُطفٌ ولا هــــوا * * ونورٌ ولا نارٌ وروحٌ ولا جســـــــمُ
فلا عيشَ في الدنيا لمنْ باتَ صاحياً * * ومنْ لم يمتْ سُكراً بها فاتَهُ الحزمُ
على نفسِهِ فليبكِ من ضــــاعَ عمرُهُ * * وليسَ لهُ فيها نصيبٌ ولا سهمُ
أدرها بالكبيرِ وبالصغيرِ * * وخذها من يدِ البدرِ المنيرِ
ولا تشربْ بلا طربٍ فإنّي * * رأيتُ الخيلَ تشربُ بالصفيرِ
بين شادٍ يتشهى الكرمَ خمرَهُ * * وحبيبٍ يتمنى الكأسَ ثغرَهُ
التقتْ عيني بهِ أولَ مرّةٍ * * فعرفتُ الحبَّ من أولِ نظرةٍ
الصاحب بن عباد–
رقَّ الزجاجُ ورقَّتِ الخمرُ * * فتشابها وتشاكلَ الأمرُ
فكأنما خمرٌ ولا قدحٌ * * وكأنما قدحٌ ولا خمرُ
ابن السماك الأندلسي–
ثقلت زجاجاتٌ أتتنا فُرَّغــاً * * حتى إذا مُلئتْ بصِرفِ الراحِ
خفّتْ فكادتْ أن تطيرَ بما حوتْ * * وكذا الجسومُ تخفُّ بالأرواحِ
ابن المعتز–
وقهوةٌ كشعاعِ الشمسِ صافيةٌ * * مثلَ السرابِ ترى في قعرِها شبحا
إذا تعاطيتَها لم تدرِ من لطفٍ * * راحاً بلا قدحٍ أُعطيتَ أم قدحا
وكأسٌ قد شربناها بلطفٍ * * تخالُ شرابَنا فيها هواءَ
وزنَّا الكأسَ فارغةً وملأى * * فكان الوزنُ بينهما سواءْ
أبو الفتح الحاتمي–
أما ترى الخمرَ مثلَ الشمسِ في قــدحٍ * * كالبدرِ فوقَ يدٍ، كالغيثِ إذْ صابتْ
فالكأسُ كافورةٌ لكنها انحجرتْ * * والخمرُ ياقوتةٌ لكنها ذابتْ
دعبل–
إنما العيشُ خلالٌ خمسةٌ * * حبذا تلكَ خلالٌ حبذا
خدمةُ الضيفِ وكأسٌ لذةٌ * * ونديمٌ وفتاةٌ وغنا
الخمار
قل للمليحةِ في الخمارِ الأسودِ * * ماذا فعلتِ براهبٍ متعبّدِ
جزى اللهُ البراقعَ من ثيابٍ * * عن الفتيانِ شراً ما بقينا
يوارينَ الملاحَ فلا نراها * * ويخفينَ القباحَ فيزدهينا
سفرنَ بدوراً وانتقبنَ أهلّةً * * ومسنَ غصوناً والتفتنَ جأذرا
الخُلُق
أحمد شوقي–
وإنما الأممُ الأخلاقُ ما بقيتْ * * فإن همُ ذهبتْ أخلاقُهم ذهبوا
وإذا أصيبَ الناسُ في أخلاقِهم * * فأقمْ عليهم مأتماً وعويلا
صلاحُ أمرِك للأخلاقِ مرجعُهُ * * فقوِّمِ النفسَ بالأخلاقِ تستقمِ
والنفسُ من خيرِها في خيرِ عافيةٍ * * والنفسُ من شرِّها في مرتعٍ وخِمِ
حافظ إبراهيم–
إني لتُطربني الخلالُ كريمــــةٌ * * طربَ الغريبِ بأوبةٍ وتلاقِ
ويهزُّني ذكرُ المروءةِ والندى * * بينَ الشمائلِ هزةَ المشتاقِ
فإذا رُزقتَ خليقةً محمودَةً * * فقد اصطفاكَ مقسمُ الأرزاقِ
والناسُ هذا حظُّهُ مالٌ وذا * * علمٌ وذاك مكارمُ الأخلاقِ
والمالُ إن لم تدَّخرهُ محصِّناً * * بالعلمِ كان مطيَّةَ الإملاقِ
الخريمي–
الناسُ أخلاقُهم شتى وإن جُبلوا * * على تشابهِ أرواحٍ وأجسادِ
للخيرِ والشرِّ أهلٌ وكُلِّوا بهما * * كلٌّ لهُ من دواعي نفسِه هادِ
منهم خليلُ صفاءٍ ذو محافظةٍ * * أرسى الوفاءُ أواخيهِ بأوتادِ
ومشعرُ الغدرِ منحنيٌّ أضالعُهُ * * على سريرةِ غِمرٍ غلُّها بادِ
مشاكسٌ خدِعٌ جمٌّ غوائلُهُ * * يبدي الصفاءَ ويخفي ضربةَ الهادي
يأتيكَ بالبغيِ في أهلِ الصفاءِ ولا * * ينفكُّ يسعى بإصلاحٍ لإفسادِ
جميل صدقي –
لم يكن من تلازمٍ بين أخلاقِ البرايا * * وعلمِهم والذكاءِ قد يحوزُ الإنسانُ علماً وفهماً * * وهو في الوقتِ ذو نفاقٍ مرائي
الزهاوي–
ربَّ أخلاقٍ صانها من فسادٍ * * خوفُ أصحابِها من النقادِ وإذا لم يكن هنالكَ نقدٌ * * عمَّ سوءُ الأخلاقِ أهلَ البلادِ
البحتري–
وما هذهِ الأخلاقُ إلا مواهبٌ * * وإلا حظوظٌ في الرجالِ تُقسَّمُ
شاعر–
وما الفضلُ إلا أن تجودَ بنائلٍ * * وإلا لقاءُ الخلِّ ذو الخلقِ العالي
المتنبي–
حافظْ على الخلقِ الجميلِ ومُرْ بهِ * * ما بالجميلِ وبالقبيحِ خفاءُ
معروف الرصافي–
هي الأخلاقُ تنبتُ كالنباتِ * * إذا سُقيتْ بماءِ المكرماتِ
فكيفَ تظنُّ بالأبناءِ خيراً * * إذا نشأوا بحِضنِ السافلاتِ
الزهاوي–
من البيئةِ الأخلاقُ تنشأُ في الفتى * * فتلكَ بهِ في كلِّ يومٍ تؤثرُ
إذا بيئةُ الإنسانِ يوماً تغيَّرتْ * * فأخلاقُهُ طبقاً لها تتغيرُ
محمود الأيوبي–
والمرءُ بالأخلاقِ يسمو ذكرُهُ * * وبها يُفضلُ في الورى ويُوقَّرُ
وقد ترى كافراً في الناسِ تحسبُهُ * * جهنمياً ولكنْ طيُّهُ الطُّهُـرُ
وقد ترى عابداً تهتزُّ لحيتُهُ * * وفي الضميرِ بهِ من كفرِهِ سقرُ
أوغلْ بدنياكَ لا تنسَ الضميرَ ففي * * طيَّاتِهِ السرُّ عندَ اللهِ ينحصرُ
سلم الخاسر–
لا تسألِ المرءَ عن خلائقِهِ * * في وجهِهِ شاهدٌ من الخبرِ
ابن جرير–
خُلقانِ لا أرضى طريقَهُما * * تيهُ الغنى ومذلَّةُ الفقرِ
فإذا غنيتَ فلا تكنْ بطراً * * وإذا افتقرتَ فِتْ على الدهرِ
واصبرْ فلستَ بواجدٍ خُلقاً * * أدنى إلى فرجٍ من الصبرِ
عدي بن زيد–
اجتنبْ أخلاقَ من لا ترضَهُ * * لا تُعبْهُ ثم تقفو في الأثرِ
أبو تمام–
وإني رأيتُ الوسمَ في خُلُقِ الفتى * * هو الوسمُ لا ما كانَ في الشعرِ والجلدِ
جرير–
تعودْ صالحَ الأعمالِ إني * * رأيتُ المرءَ يلزمُ ما استعادا
محمد الأسمر المصري–
لعمركَ ما الأخلاقُ في أمةٍ سوى * * أصولٍ لما كانتْ بهِ تتكيَّفُ
وما أمةٌ إلا لها في اجتماعِها * * مصيرٌ على أخلاقِها يتوقفُ
وما حسنُ الجسومِ لهمْ بزينٍ * * إذا أخلاقُهم كانتْ قِباحا
المتنبي–
وللنفسِ أخلاقٌ تدلُّ على الفتى * * أكانَ سخاءً ما أتى أم تساخيا
حافظْ على الخلقِ الجميلِ ومُرْ بهِ * * ما بالجميلِ وبالقبيحِ خفاءُ
اليعمري–
إنْ ضاقَ مالُكَ عن صديقِكَ فالقهُ * * بالبشرِ منك إذا يحينُ لقاءُ
الصفدي–
الجدُّ بالجدِّ والحرمانُ بالكسلِ * * فانصبْ تُصبْ عن قريبٍ غايةَ الأملِ
إذا بُليتَ بشخصٍ لا خلاقَ لهُ * * فكُنْ كأنكَ لمْ تسمعْ ولم يُقلِ
ولا تمادَ سفيهاً في محاورةٍ * * ولا حليماً لكي تنجو من الزللِ
ولا يغُرَّكَ من يُبدي بشاشتَهُ * * منك فإنَّ السمَّ في العسلِ
وإنْ أردتَ نجاحاً كلَّ آونةٍ * * فاكتمْ أمورَكَ عنْ حافٍ ومنتعلِ
الزبير بن بكار–
أحبُّ مكارمَ الأخلاقِ جهدي * * وأكرهُ أنْ أعيبَ وأنْ أُعابا
وأصفحُ عن سبابِ الناسِ حِلماً * * وشرُّ الناسِ منْ يهوى السبابا
ومنْ هابَ الرجالَ تهيبُوهُ * * ومنْ حقَّرَ الرجالَ فلنْ يُهابا
صفي الدين الحلي–
سلِ الرماحَ العوالي عن معالينا * * واستشهدِ البيضَ هل خابَ الرجا فينا
إنَّا لقومٌ أبتْ أخلاقُنا شرفاً * * أنْ نبتدئَ بالأذى من ليسَ يؤذينا
بيضٌ صنائعُنا سودٌ وقائعُنا * * خضرٌ مرابعُنا حمرٌ مواضينا
أبو تمام–
إذا جاريتَ في خُلقٍ دنيئاً * * فأنتَ ومنْ تجاريهِ سواءُ
رأيتُ الحُرَّ يجتنبُ المخازي * * ويحميهِ عن الغدرِ الوفاءُ
وما منْ شدةٍ إلا سيأتي * * لها منْ بعدِ شدَّتِها رخاءُ
لقد جرَّبتُ هذا الدهرَ حتى * * أفادتني التجاربُ والعناءُ
يعيشُ المرءُ ما استحيا بخيرٍ * * ويبقى العودُ ما بقيَ اللحاءُ
فلا واللهِ ما في العيشِ خيرٌ * * ولا الدنيا إذا ذهبَ الحياءُ
إذا لمْ تخشَ عاقبةَ الليالي * * ولم تستحِ فاصنعْ ما تشاءُ
المعري-
تــرجّ بلطفِ القـــولِ ردَّ مُخــــالفٍ * * إليكَ فــــكمْ طــــرفٍ يسكّنُ بالنقـــــرِ
وإنَّ اقتناعَ النفسِ من أعظمِ الغنى * * كما أنَّ سوءَ الحرصِ من أقبحِ الفقرِ
أبو عثمان التجيبي–
خــذِ الأمــورَ برفقٍ واتئدْ أبــــداً * * إيّاكَ منْ عجلٍ يدعـــو إلى وصـــبِ
للرفقِ أحسنُ ما تُؤتى الأمورُ بهِ * * يُصيبُ ذو الرفقِ أوْ ينجو من العطبِ
سابق البربري-
إذا زجرتَ لجوجاً زدتهُ علَقــاً * * ولجَّتْ النفسُ منهُ في تماديها
فعدْ عليهِ إذا ما نفسهُ جمحتْ * * باللينِ منك فإنَّ اللينَ يثنيها
الخير والشر
للخيرِ والشرِّ أهلٌ وكُلِّوا بهما * * كلٌّ لهُ من دواعي نفسِهِ هادي
المعري–
ولتفعلِ النفسُ الجميلَ لأنّهُ * * خيرٌ وأفضلُ لا لأجلِ ثوابِها
والشرُّ في الجدِّ القديمِ غريـزةٌ * * في كلِّ نفسٍ منهُ عرقٌ ضاربُ
وأشرفُ من ترى في الأرضِ قدراً * * يعيشُ الدهرَ عبدَ فمٍ وفرجِ
وحبُّ الأنفسِ الدنيـــا غـــــرورٌ * * أقامَ الناسَ في هرجٍ ومرجِ
وإنَّ العـــزَّ في رمـــحٍ وتـــــرسٍ * * لأظهـــرُ منهُ في قــلمٍ ودرْجِ
متى كشّــــفتَ أخــــلاقَ البرايـــا * * تجدْ ما شئتَ من ظلمٍ وحرْجِ
فظنَّ بسائرِ الإخوانِ شراً * * ولا تأمنْ على سرٍّ فؤادَا
ادفعِ الشرَّ بشرٍّ * * وتواضعْ إنَّما أنتَ بشرُ
والشرُّ مشتهرُ المكانِ معرَّفٌ * * والخيرُ يُلمحُ من وراءِ خِمارِ
لم يقدّرِ اللهُ تهذيبـــاً لعـالمنــــا * * فـــلا تــــرُمنَّ للأقــوامِ تهذيبَا
ولا تُصدّقْ بما البرهـانُ يُبطلهُ * * فتستفيدَ من التصـــديقِ تكـــذيبَا
يغدو على خِلّهِ الإنسانُ يظلمُهُ * * كا لذيبِ يأكلُ عند الغِرّةِ الذئبَا
بينَ الغريزةِ والرشادِ نفارٌ * * وعلى الزخارفِ ضُمَّتِ الأسفارُ
والشرُّ في الإنسِ مبثوثٌ وغيرُهمُ * * والنفعُ مذ كانَ ممزوجٌ بهِ الضررُ
فلا تعـــــذلينـــا كلنـــا ابنُ لئيمـــةٍ * * وهل تُعتبُ الأثمارُ إنْ لؤمَ الغرسُ
والقومُ شرٌّ فلا يُسرُّك إن بسطوا * * لكَ الوجوهَ ولا يُحزنكَ إن عبسوا
الظلمُ في الطبعِ فالجاراتُ مُرهقةٌ * * والعُـرفُ يسترُ والميزانُ يُنبخسُ
سجايا كلُّها غدرٌ وخُبثُ * * توارثَها أناسٌ عنْ أناسِ
ما كانَ في هذهِ الدنيا بنو زمـــــنٍ * * إلا وعنـديَ من أخبارِها طرَفُ
يُخبِّرُ العقلُ أنَّ القـــومَ ما كرمــــوا * * ولا أفادوا ولا طابوا ولا عرفُوا
وما اعتَراني بعيبِ الجنسِ منقصةٌ * * والعينُ يُعرفُ في آنائِها الذلفُ
أمسى النفاقُ دُروعــــا يستجنُّ بها * * منَ الأذى ويُقوِّي سَردَها الخلِفُ
جرى الناسُ مجرىً واحداً في طباعِهم * * فلم يُرزقِ التهذيبُ أنثى ولا فَحلُ
الشرُّ طبعٌ ودنيـا المــرءِ قائــدُهُ * * إلى دنياهُ والأهـــوالُ أهوالُ
والقولُ إنْ يبقَ يُحسبْ للفتى أثراً * * فـلا تُنسيكَ بعدَ الموتِ أقوالُ
غلتِ الشرورُ ولو عقلْنا صُيِّرتْ * * ديةُ القتيلِ كرامةً للقاتلِ
وجدتُ الشرَّ ينفعُ كلَّ حينٍ * * ومنْ نفعٍ بهِ حُملَ الحسامُ
والأرضُ للطوفانِ مشتاقةٌ * * لعلَّها من درنٍ تُغسلُ
قد ترامتْ إلى الفسادِ البرايا * * واستوتْ في الضلالةِ الأديانُ
دنياكَ دارُ شرورٍ لا سرورَ بها * * وليس يدري أخوها كيفَ يحترسُ
عرفتُ سجايا الدهرِ أما شرورُهُ * * فنقـــدٌ وأما خيــرُهُ فـوعــودُ
المتنبي–
كلمــــا أنبتَ الزمــــانُ قنـــاةً * * ركبَ المرءُ في القناةِ سنانا
ومرادُ النفوسِ أصغرُ من أنْ * * نتعـــادى فيهِ وأنْ نتفــــانى
أبو نواس–
قلْ للإمامِ جزاكَ اللهُ صالحةً * * لا تجمعِ الدهرَ بينَ السِّخلِ والذئبِ
فالسخلُ غِـرٌّ وهمُّ الذئبِ غفلتُهُ * * والذئبُ يعلمُ ما بالسخلِ من طيبِ
شاعر–
إذا الكلبُ لا يُؤذيكَ إلا نباحَهُ * * فدَعْهُ إلى يومِ القيامةِ ينبحُ
ابن خاتمة–
إنْ أعرضتْ دُنياكَ عنكَ بوجهِها * * وغدَتْ ومنها في رضاكَ نزاعُ
فاحذرْ بنيها واحترسْ من شرِّهمُ * * إنَّ البنـــينَ لأمهــــمُ أتبــــــاعُ
أبو الفتح البستي–
من يزرعِ الشرَّ يحصدْ في عواقِبِهِ * * ندامةً، لحصيدِ الزرعِ إبَّانُ
من استنامَ إلى الأشرارِ نامَ وفي * * قميصِهِ منهمُ صلٌّ وثعبانُ
الشافعي–
ولا خيرَ في ودِّ امرئٍ متلوِّنٍ * * إذا الريحُ مالتْ مالَ حيثُ تميلُ
البوصيري–
أمرتُكَ الخيرَ لكنْ ما اتمرتُ بهِ * * وما استقمتَ فما قولي لكَ استقمِ
صالح عبد القدوس–
وإذا أعلنتَ أمـرًا حسنـــاً * * فليكُنْ أحسنَ منهُ ما تُسرْ
فمُسِرُّ الخيرِ موسومٌ بــهِ * * ومسرُّ الشرِّ موسومٌ بشرِّ
الشريف المرتضى–
والخيرُ كُلفةُ هذا الخـلقِ كلِّهِمُ * * والناسُ بالطبعِ والأخلاقِ أشرارُ
الحطيئة–
من يفعلِ الخيرَ لا يعدمْ جوازيَهُ * * لا يذهبِ العرفُ بينَ اللهِ والناسِ
جبران خليل جبران–
بربِّكَ هلْ مضى قـــدرٌ بشرٍّ * * وخُبثُ النفسِ هلْ أودى وزالا
وهل جفَّتْ دموعُ الناسِ طُرًّا * * وهلْ بلغوا من العيشِ الكمالا
وجهلٌ يغتدي بالناسِ بَهْمـاً * * يُصـــرفُها يميــناً أوْ شمـــالا
أصارَ العيشُ عدلاً واعتدالاً * * وكانَ العيشُ مكراً واغتيــــالا؟
قريط بن أنيف–
قومٌ إذا الشرُّ أبدى ناجذيهِ لهمْ * * طاروا إليهِ زرافاتٍ ووُحدانا
لا يسألونَ أخاهمْ حينَ يندبُهمْ * * في النائباتِ على ما قالَ بُرهانا
الرصافي–
يا قومِ لا تتكلَّمــــــوا * * إنَّ الكـــلامَ مُحـــرَّمُ
ناموا ولا تستيقظوا * * مـــا فازَ إلا الُّنـــومُ
وتأخروا عن كلِّ ما * * يقضي بأنْ تتقدَّموا
ودَعوا التفهُّمَ جانباً * * فالخيرُ أنْ لا تفهموا
الخيل
المتنبي–
الخيلُ والليلُ والبيـداءُ تعرفُني * * والسيفُ والرمحُ والقرطاسُ والقلمُ
أنا الذي نظرَ الأعمى إلى أدبي * * وأسمعتْ كلمـــاتي من بـــــه صممُ
لا خيلَ عندكَ نرجوها ولا مالُ * * فليسعدِ النطقُ إنْ لمْ يسعــــدِ الحالُ
أبو محجن–
كفى حُزناً أنْ تُطعَنَ الخيلُ بالقنا * * وأُتركَ مشدوداً عليَّ وِثاقيا
البوصيري–
من لي بردِّ جماحٍ من غوايتها * * كما يُردُّ جماحُ الخيلِ باللُّجمِ
خيولُ الشوقِ مُسرجةٌ إليهمُ * * لها في القلبِ مرتحلٌ وحلُّ
امرؤ القيس–
كأنّيَ لمْ أركبْ جواداً للـــــــذَّةٍ * * ولم أتبطنْ كاعباً ذاتَ خِـــــلخالِ
ولمْ أسبأِ الزقَّ الرويَّ ولمْ أقُلْ * * لخيــــليَ كُرّي كـرَّةً بعدَ إجفـالِ
وقدْ اغتدي والطيرُ في وكناتِها * * بمنجردٍ قيدَ الأوابدِ هيكلِ
وماءُ الندى يجري على كلِّ مَذنبٍ * * بمنجردٍ عَبـــلِ اليدينِ قبيضُ
لهُ أيطلا ظبيٍ وساقا نعامــــــةٍ * * وأرخاءُ سرحانٍ وتقريبُ تَنفُــــلِ
ضليعٌ إذا استدبرتهُ سدَّ فرجهُ * * بضافٍ فويقَ الأرضِ ليسَ بأعزلِ
فعاجى عِداءَ بينَ ثورٍ ونعجةٍ * * وتيسٍ شبوبٍ كالهشيمةِ قـَرهـــــبِ
عبد يغوث–
كأنّيَ لمْ أركبْ جواداً ولمْ أقــلْ * * لخيليَ كُرِّي نفسيَ عنْ رجاليــــا ولمْ أسبأِ الزقَّ الرويَّ ولمْ أقُلْ * * لأيسارِ صدقٍ أعظموا ضوءَ ناريا
التعليقات
تم تصميم الموقع لغرض الاحتفاظ والتوثيق لكافة أعمال د.عبدالكريم الشويطر
معلومات
صنعاء-إب
1971
راسلنا عبر:
mohammednajibalkainae@gmail.com
تاريخ التطوير
2025
جميع الحقوق محفوظة@
أضف تعليق