عقدة الإختيار الخاطئ
هذا المصطلح الذي أسميه “عقدة”، هو في نظري السبب وراء العديد من اضطراب مشاعر الناس وأحاسيسهم، وتنازعهم ومناكفتهم لبعضهم البعض. وهو في الحقيقة يشمل طيفًا واسعًا من الأفكار، تبدأ من تردد الإنسان في شراء أو قبول حاجة من الحاجيات، وتنتهي عند التردد في اختيار المواقف الكبيرة والمصيرية، كاختيار نوع العمل أو اختيار الزوج المناسب، وما يتبع ذلك من المواقف التي تحكم هذه العلاقات. وطالما تظل تسيطر على الإنسان مثل هذه العقدة فإنه يظل فريسة للصراع النفسي المزمن، والوقوف بتطرف لافت إزاء الأشياء التي يتعامل معها أو يتعامل بها الناس أمامه، وما ينتج عن كل ذلك من صدامات تؤثر على الإنسان نفسه وعلى من حوله، مؤديةً إلى الشجار الدائم والنزاع المستمر والتمسك بوجهة النظر الأنانية الفردية التي تجلب على الإنسان ما تجلب من الهم والنكد، والتي قد تتطور إلى ما يسمى بالنرجسية المستفحلة، وهي من الأمراض النفسية المعروفة التي يصعب علاجها، ويمكن التعرف عليها ببساطة من خلال إصرار الشخص على عدم الاعتذار حتى لو تبين له خطؤه، وهذا ما نلاحظه حتى على المواقف السياسية التي أضرت بمصلحة الوطن.
أما الوقاية من ذلك كله فهي بالقناعة، وباحترام حرية الآخرين واختياراتهم ورغباتهم، والتوقف عند ذلك، واتباع منهج المقاربة والسداد الذي أشار إليه الرسول الكريم في حالة التعامل أو التدخل في قضايا الناس العابرة، خلافًا لتلك التي تحتاج إلى القضاء أو جهة الاختصاص. النص الديني في الحديث الشريف يقول بأن الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات، وهذا يعني ضرورة جعل مساحة لهذه المشتبهات للخوض فيها والإقرار والتسليم بوجود الرأي الآخر الذي يحتمل الصواب والخطأ، والتسليم بنسبية الأمور في معظم الحالات التي يتخذ فيها الإنسان موقفًا ما في زمن ما قابلًا للنقض أو إعادة النظر، حتى لا يكون الشخص دائمًا مستسلمًا لعقدة الاختيار الخاطئ للأشياء أو الأفكار، والتي قد تجعله في معظم الحالات سلبيًا مشحونًا بالخوف من المغامرة، ومرعوبًا من الجديد والتعلم من أخطائه.
د.عبد الكريم الشويطر
تم تصميم الموقع لغرض الاحتفاظ والتوثيق لكافة أعمال د.عبدالكريم الشويطر
معلومات
صنعاء-إب
1971
راسلنا عبر:
mohammednajibalkainae@gmail.com
تاريخ التطوير
2025
جميع الحقوق محفوظة@