لماذا عاد العسكر
عودة العسكر إلى الواجهة، ما بين الفينة والفينة، وفي وقتنا الحاضر بالذات قد يكون له ما يبرره، فلنعد قليلاً إلى الجذور، جذورنا الثقافية والسياسية، بل تاريخ ميلادنا، كأمة عربية واحدة ضمن العالم الإسلامي الكبير، الذي هو الإطار العام للبحث عن عقدتنا الكبيرة التي أدت إلى مسلسل التخلف هذا الذي يمتد حتى الألفية الثالثة، والذي لا زال يطوقنا من جميع الجهات. لا نحمّل حكامنا العرب وخلفاءنا المسؤولية كاملة، بل نُحمّلها مجتمعاتنا وشعوبنا العربية كلها، التي نزل عليها القرآن الكريم بلغتها، وقرأته قبل غيرها من الأمم، وكُلِّفت بإبلاغه للناس كافة كخاتمة للأديان السماوية جمعاء.
دعانا القرآن إلى التوحيد وعبادة الله الواحد الأحد وعدم عبادة البشر أو السلطة أياً كان شكلها، وإلى تطبيق الشرع الإلهي بحذافيره، وإلى القراءة، والتعلم، وتحرير الإنسان، وتحكيم العقل، والنظر إلى آيات الله في الكون والخليقة والبحث في أسرارها، وتسخيرها لما ينفع الناس ومراقبة الحاكم وتقويمه، واختيار الأصلح، فماذا حدث؟ سارت الأمور في صدر الإسلام على ما يرام، وسرعان ما انقلب السعي ظهرًا لبطن، وعادت عنجهية الجاهلية، وعقلية البداوة (الجذور)، التي لم تؤمن بالعلم كمنقذ ومخلص– وأقصد العلم الكامل، تركت لعنصر القوة والمال– على غرار ما اعتادت– النفوذ الكامل والسيطرة على جميع مقدراتها (وهي لا تزال تتلو القرآن بكرة وعشيًا، وتتعبد به)، دون التفكر في محتواه، واختارت أن تسلّم رقابها للطغيان وسلطان القوة، ولم تلتفت أبدًا إلى ضرورة اختيار العالم الصالح الذي يقودها إلى العزة والمنعة، والتي صفاته في القرآن أيضًا، فكان الخسران المبين، فظلت أمة عاجزة خانعة تبحث عن القوي لإنقاذها من مآزقها المتلاحقة، وقد كان بإمكانها تحاشي كل ذلك باختيار الحاكم القوي، الأمين، العالم، الصالح، الكفؤ… وهم كثير!
د.عبد الكريم الشويطر
م3/8/2013
الموافق 24رمضان1443هـ
تم تصميم الموقع لغرض الاحتفاظ والتوثيق لكافة أعمال د.عبدالكريم الشويطر
معلومات
صنعاء-إب
1971
راسلنا عبر:
mohammednajibalkainae@gmail.com
تاريخ التطوير
2025
جميع الحقوق محفوظة@