الحرف الجديد

يبدو أننا اليوم نقف أمام مدٍّ جديد في لغة الشعر يكاد يسيطر على الساحة الإلكترونية، تلعبه فئةٌ من الشباب لعبًا احترافيًا يلفت الأنظار.
يتميز هذا الحرف الجديد، والذي يُطلق عليه بعضهم الشعر المنثور، بالرشاقة اللفظية والرقة والشفافية التي تكاد تشف ما تحتها من رغبات، وتمرد، ونزوع إلى حياة أكثر إشراقًا وسلاسة ومتعة.
إنها الرومانسية، وقد اعتصرتها هذه النصوص حتى النخاع، وجعلتها سائلاً مركزًا يكاد يشْرَقُ من حلاوته. لا تتوقف عند حدود المجاز، وإنما تحلِّق فيما وراء ذلك في فضاءٍ لم نجد له تسميةً بعد، فهي ما وراء الحالة وما وراء البوح، وأبعد مما توشوش به همسات، وأعقد مما تعبِّر عنه مشاعر أو يفصح عنه وجدان.
إنها عملية تبَختُرْ بالحروف، وخيلاء حوارية، وإيغال في التذوُّق، قد ترمز إلى كبرياء وجمال وعظمة اللغة العربية، كما أنها قد تكون مجرد تلاعب بالحروف، وبالمتقابلات، والنقائض، كما يتلاعب الحاوي بالقوارير التي يرسلها في الهواء، وتعودُ جميعها إلى يدهِ، ونحن لا نستطيع حتى مجرد عدِّها، ولا معرفة كيف يفعل ذلك.
لا أقول إنها قطعت الصلة بتراثها الجميل، المقفى والموزون، ولكنها تلتقط فصوصه وتبعثرها أمامنا على الورق، مما يجعلنا نحتار في مسألة إعادة تركيبها مرة أخرى، لو أردنا ذلك.
جملة من الأسئلة لن يتم الجواب عليها إلا على يد رواد هذا المسلك الثوري الجديد، أما نحن فسنظل ننتظر الإجابة، شعراً أو نثراً، أو شعراً منثوراً. ولدينا قناعة مسبقة أن اللغة كائن حي لا حدود لحركته، ولا أحدٌ يدري في أي اتجاه تسير، ولا ما هي السرعة، ولا ربما حتى ما هو الدافع.

د.عبد الكريم الشويطر

موقع د.عبد الكريم الشويطر

تم تصميم الموقع لغرض الاحتفاظ والتوثيق لكافة أعمال د.عبدالكريم الشويطر

معلومات

صنعاء-إب

1971

راسلنا عبر:

mohammednajibalkainae@gmail.com

تاريخ التطوير

2025

جميع الحقوق محفوظة@